جنان جوان أبي راشد – خاص “المدى”
لا ينفكَ الخبراء الاقتصاديون عن التطرق الى خطورة التضخّم وتداعياته وعلاقته بغلاء الأسعار وتضاؤل القدرة الشرائية للّبنانيين، لكن ما هو التضخّم ولماذا هذا الارتفاع فيه في لبنان؟
الخبير المالي والاقتصادي البرفسور جاسم عجاقة يشير ل “المدى” الى أن من البديهي أن تفقد أي عملة وطنية قيمتها بعدما يجري الاعلان عن التعثر المالي للبلاد، لافتاً الى أن التضخّم هو ارتفاع مزمن في الاسعار، أي انه ارتفاع لفترة طويلة أو على مدى سنوات، وقد وصلت نسبة التضخّم في لبنان الى حوالى 50% شهرياً بينما يجب أن لا تتجاوز حدود ال2%، ما يدل على أننا اقتربنا من حالة التضخم المفرط الخطيرة جداً والتي من الممكن في حال وصلنا اليها ألا نخرج منها أبداً.
وشبّه التضخم بارتفاع حرارة جسم الإنسان، فهو يقضي على الناتج المحلي الاجمالي أي إنه يقضي على المداخيل ويؤدي الى تراجع القدرة الشرائية، مذكّراً بما جرى في تركيا حيث وصل سعر ربطة الخبز الى 5 مليون ليرة تركية في العام 2005، ومتحدثاً عن الكميات الضخمة من الاوراق النقدية التي ينقلها المواطنون في فنزويلا لشراء حاجياتهم. واضاف إن التضخّم يقضي على الأمن الاجتماعي المتأتّي من ثبات سعر الصرف المعتمد في كل دول العالم تقريباً، اذ ان المصارف المركزية حتى في تلك الدول التي تعتمد سعر صرف حرّ لعملتها تتدخل أيضا للحفاظ على ثبات سعر العملة بهدف الحفاظ على الامن الاجتماعي.
وتحدث عجاقة عن أن أسباب التضخّم عديدة وأهمها: المشاكل السياسية كالتضييق الحاصل على لبنان والذي يؤدي الى صعوبة فتح الاعتمادات لاستيراد المواد الغذائية والحيوية والى جعل الدولار غير متوفّر، وباء كورونا الذي أدى الى ازدياد الطلب على المواد الغذائية عالمياً، رفع الاسعار بشكل غير طبيعي وغير قانوني في البلد، اذ يحمّل التجار اللبنانيون (الجشعون في غالبيتهم) المستهلك تكاليف غير موجودة بحجّة أنهم يريدون الاستيراد على سعر أعلى ومن دون رادع حكومي، اضافة الى تهافت المواطنين على شراء السلع الغذائية وتخزينها بما يشكل عاملاً اضافياً لارتفاع الاسعار والتضخم، على الرغم من أن هذا القلق الشعبي مبرّر بحسب عجاقة، في ظل هذه الاوضاع الصعبة التي يمرّ بها البلد.
وأعلن عجاقة أن 85% من المواد الغذائية التي يجري التهافت عليها هي مستوردة، لذلك من الضروري الدفع نحو انتاجها محلياً من خلال تعزيز الحكومة قدرات القطاعين الزراعي والصناعي.