خاص المدى – جنان جوان أبي راشد
بعنوان “مصرف لبنان يُؤجّج مخاوف جدّية من الفساد” نشرت صحيفةُ “وول ستريت جورنال” الاميركية تقريراً اشارت فيه الى شراكة بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحزب الله في الفساد.
وفي حين نقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين اتهامَهم سلامة “بعرقلة التدقيق الجنائي بالتعاون مع جهات حكومية مُرتبطة مع حزب الله”، وذكرت بالاسم العضو السابق في لجنة الرقابة على المصارف أحمد صفا، مُتهمةً إياه بأنّه “كان يُسيّرُ أعمالَ الحزب المالية”، لفت المقالُ الى أنّ “التهديد بعقوبات مُحتملة هو على مصرف لبنان كمؤسسة وليس على حاكمِه، وهي خطوةٌ عادةً ما تُنفّذها واشنطن تجاه أعدائها، ككوريا الشمالية وإيران وفنزويلا”.
ماذا تعني معاقبةُ المصرف المركزي وعزلُه نهائياً عن النظام المالي العالمي؟
رئيس مؤسسة “جوستيسيا الحقوقية” المحامي بول مرقص الذي استبعد اللجوء الى هكذا عقوبات، شرح لـ”المدى” خطورةَ هذا التهديد في حال تم تنفيذُه، والذي سيؤدي الى كارثة مالية وانهيارات متتالية، وسيكون مؤشراً الى رغبة بإنهاء القطاع المصرفي والمالي في لبنان، معتبراً أن الكارثة ستحصل لأن الولايات المتحدة تسيطر على مراكز القرار والمؤسسات المالية العالمية من خلال عملتها الوطنية المتمثلة بالدولار. ويوضح انه في حال فَرض هكذا عقوبات، ستمتنع المصارف والمؤسسات الدولية المالية العالمية والمصارف المراسلة عن التعامل مع مصرف لبنان كي لا تخالف العقوبات الاميركية. واكد مرقص انه لن يكون هناك تعثرٌ في الاستيراد بل ايضا سيكون هناك تعثرٌ في تحويل الاموال عبر المصارف المراسلة ليس الى الولايات المتحدة فحسب، بل الى باقي الدول الغربية والاوروبية.
وعن وضع المصارف التجاريّة لناحية الإفلاسات، يرى مرقص أن “العقوبات لن تكون سبباً مباشراً لعملية إفلاس المصارف، لكنها ستكون سبباً تراكمياً إضافياً كنّا في غنى عنه، للاعلان عن نهاية غير سعيدة للقطاعين المالي والمصرفي في لبنان”.
ورداً على سؤال عن امكان حظر التعامل بالدولار في لبنان أو اختفاء هذه العملة من البلد، يذكّر مرقص بالصعوبات العمليّة والتي نعانيها حالياً على هذا الصعيد بسبب انعدام الثقة، معتبراً أنه وفي حال فُرضت مثل هذه العقوبات فإنه سيُمنع بالتأكيد التعامل بالدولار في البلاد.
وعن سبب استبعاده تنفيذ الولايات المتحدة تهديداتها بفرض هذه العقوبات على المصرف المركزي، يذكّر مرقص بعدد من مشاريع القوانين في الكونغرس تتعلق بالمصارف اللبنانية والتي لم يتمّ اقرارُها. ويرى أن تنفيذ التهديد الاميركي الذي تم تسريبه والتلويح به عبر الصحيفة الاميركية، سيرتد كذلك سلباً على المجتمع الدولي وعلى مبادىء مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، وذلك لناحية دفع لبنان الى التعامل حصراً بالعملات نقداً وخروجه من التعاملات المصرفية، بما سيصعّب على المجتمع الدولي تتبُّع آثار الجرائم المالية والتحاويل المشبوهة، معتبراً أن لا مصلحة لهذا المجتمع في أن يوصل لبنان الى هذا المستوى من التفلّت.
هجوم “وول ستريت جورنال” على حاكم مصرف لبنان، تزامن مع هجوم شنّته صحيفةُ «لو موند» الفرنسية عليه ايضاً، نافية معلومةً كان قد سرّبها سلامة عشية جلسة البرلمان حول التدقيق الجنائي، وتشير الى مُباشرة المصرف المركزي الفرنسي تدقيقاً جنائياً في حسابات مصرف لبنان. واكدت الصحيفةُ في تقرير لها أنّ “بنك فرنسا لا ينوي القيام بأيّ تدقيق، وهو مُلتزم فقط بتقديم المساعدة التقنية بصفته طرفاً ثالثاً موثوقاً به”.