جنان جوان أبي راشد – خاص “المدى”
استخدامُ مصطلح الإبادة الأرمنية من قبل الرئيس الأميركي انعكس توتّراً في العلاقات الأميركية- التركية، لكن ماذا يُتوقَّع اقليمياً من تداعياتٍ في ما يتعلّق بملفات عديدة تتقاطع فيها المصالح الأميركية- التركية، ومنها الملفات في كلّ من لبنان وسوريا وإيران وروسيا وأفغانستان والقوقاز والبحر الأسود، وبالنسبة الى قضيتَي الأكراد وخطوط وإمدادات الغاز وغيرها؟
المديرة التنفيذية للهيئة الوطنية الأرمنية في الشرق الاوسط فيرا يعقوبيان أعلنت أن العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة هي أصلاً علاقات سيئة، وخصوصاً في الآونة الاخيرة بعد التأزم المتعلق بالملفَين السوري والكردي وبسبب علاقات أنقرة مع كلّ من روسيا وإيران، وملف شرقي المتوسط، ومنظومة الصواريخ التي قررت تركيا شراءها من روسيا.
واعتبرت يعقوبيان في حديث ل”المدى” أن هذه العلاقات السيئة ستعاني المزيد من التأزم لفترة معينة ومحدودة، لكنّها لن تنقطع لان هناك ملفات عديدة مشتركة بين الدولتين، مذكّرة بما أصاب العلاقات التركية- الأوروبية من توتّر عقب اعتراف عدد كبير من الدول الاوروبية بالإبادة الجماعية الأرمنية، والتي ما لبست أن عادت الى طبيعتها وبزخم أكبر بعد فترة زمنية محدودة.
وأكدت أن تركيا بحاجة الى مساعدة الولايات المتحدة في ملفات عدة متعلقة بالأكراد وبالملفَين السوري والايراني ومنطقة القوقاز بعدما دخلت أنقرة بقوة في الصراع في اقليم ناغورني كاراباخ، في حين أن الولايات المتحدة بحاجة الى مساعدة تركيا في منطقة الشرق الاوسط، ورأت في الوقت عينه أن هناك محاولة أميركية لإضعاف دور تركيا في البعض من هذه الملفات، مشددة على أن هذا الاعتراف هو بمثابة عقاب لتركيا ويهدف الى الحدّ من توسّعها الذي لا يُستهان به في المنطقة ووضع خطوط حمراء لها، ثم هو لإحقاق العدالة تجاه الأرمن، إذ إن هناك جالية أرمنيّة كبيرة جداً في الولايات المتحدة وقد شكّلت ضغطاً كبيراً للاعتراف بهذه الإبادة الجماعية.
واستبعدت يعقوبيان انعكاس سوء العلاقات بين الدولتين على إمدادات الغاز عالمياً واقليمياً، كما استبعدت الانعكاس على حلف “الناتو”، أو أن تسوء علاقات أنقرة بدول الجوار ومنها ايران، لأن هناك مصالح عسكرية اقتصادية ونفطيّة مع هذه الدول أكبر بكثير من المسألة الأرمنيّة، وعلى الرغم من أهميتها.
كذلك استبعدت يعقوبيان أن ينعكس التوتّر الأميركي- التركي على الواقع اللبناني لأن الأطراف اللبنانيين يمتلكون الوعي الكافي لتفادي ذلك، كما قالت، لكنّ تركيا برئاسة رجب طيب اردوغان، على حدّ تعبير المديرة التنفيذية للهيئة الوطنية الأرمنية في الشرق الأوسط، ما تزال تعتبر لبنان على غرار عدد من الدول الأخرى في المنطقة كبلد كان جزءاً من السلطنة العثمانية، ومن واجبها الاهتمام برعاياها فيه، كما يجب بنظر أنقرة أن يعود هذا البلد اضافة الى سوريا وليبيا ومصر واذا استطاعت السعودية، الى كنف السلطنة العثمانية التي يحلم اردوغان في أن تستعيد أمجادها، متحدثةً عن الطموحات التوسّعية لتركيا.
واعتبرت أن انعكاسات التوتّر بين البلدين ستكون محدودة وستنحصر عموماً بمحاولات متبادلة من الولايات المتحدة وتركيا بإزعاج كلّ منهما الآخر بالأوراق التي يمتلكها.