خاص المدى جنان جوان أبي راشد
أعلن البنك الدولي أن لبنان قد يستغرق ما بين 12 و19 عاماً للتعافي من أزمته المالية والاقتصادية، إلا أن الخبراء الاقتصاديين المحليّين يؤكدون في العادة أن حجم الاقتصاد في بلدنا صغيرٌ، وأن الاتجاه من الهاوية صعوداً ليس بالأمر الصعب، ولا يحتاج ذلك الى أموال ضخمة أو وقت طويل.
ماذا يقول الخبير المالي والاقتصادي جهاد الحكيّم في هذا الصدد؟ وعلى ماذا استند البنكُ الدولي ليتحدث عن فترة زمنية طويلة لاستعادة لبنان عافيتَه؟
يوضح الحكيّم في حديث ل”المدى” أن مسيرة التعافي يمكن أن تبدأ في العام 2023 أو 2024 في حال تمّ وضع خطة اقتصادية مدعومة من المجتمع الدولي، إلا أن ما يشير اليه البنك الدولي في تقريره يأتي بما معناه أن العودة الى الاوضاع الاقتصادية التي كان عليها لبنان في العام 2018 سيحتاج الى ما بين 12 و19 عاماً.
ويقول الحكيّم إن حجم الاقتصاد اللبناني أو الناتج المحلي الإجمالي وصل في العام 2018 الى 55 مليار دولار، وقد تقلّص بحسب البنك الدولي ليصل في العام 2020 الى 33.38 ملياراً، في حين يتوقع البنك المزيد من التراجع ليصل الى 22.3 ملياراً في العام 2021.
ويوضح الحكيّم أيضاً أن تقديرات صندوق النقد الدولي في العام 2020 لناحية حجم الاقتصاد هي أكثر تشاؤماً من تقديرات البنك الدولي، نظراً الى احتسابها نسبة تدهور سعر الليرة، إذ قدّر الناتج المحلي الاجمالي ب18.7 مليار دولار حينها.
ويضيف الحكيّم إن ما يفسّر تقرير البنك الدولي يعود الى أنه حتى في حال تمَكَّنَ الاقتصادُ اللبناني من تحقيق نسبة نموٍّ تصل الى 10 أو 15 في المئة في السنة الأولى التي تلي البدء بتنفيذ خطة الاصلاح الاقتصادية، إلا أن السنوات التالية لن تشهد نمواً يتعدّى حدود ال5 في المئة كرقم وسطي، ويتابع الحكيّم: لذلك يرى البنك الدولي أن لبنان بحاجة الى ما بين 12 و19 عاماً للعودة الى الاوضاع الاقتصادية التي كان عليها لبنان ما قبل العام 2018.
انعدامُ الثقة بالطبقة الحاكمة هو المشكلة بحسب الحكيّم، معوّلاً على وصول طبقة شبابية مستقلّة الى الحكم يمكن الوثوق بها داخلياً وخارجياً تضع خطة اقتصادية جيدة، ومشدداً على أهمية أن تحوز هذه الطبقة على ثقة المغتربين والدول العربية والمجتمع الدولي، لكي نخرج من الأزمة وخلال مدة سنتين أو 3 سنوات، لأن حجم اقتصاد لبنان تقلّص بما يساعد على استعادة عافيته تدريجياً وسريعاً، معتبراً أن برنامجاً جدياً بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي والحصول بالتوازي على مبلغ 10 مليار دولار من الدول الصديقة يمكن أن يضع البلد على السكّة الصحيحة.
وأكد الحكيّم أنه عندها يمكن أن يتلمّس اللبنانيون فارقاً كبيراً لناحية انخفاض سعر صرف الدولار واستقطاب التدفّقات والاستثمارات الخارجية، إلا أنه استطرد مشدداً على أن المصارف الحالية في لبنان لا يمكنها بدورها أن تواكب مسيرة النهوض بسبب انعدام الثقة بها أيضاً، ويجب أن تدخل البلاد مصارف أجنبية جديدة، ويتابع إنه في حال استمرار الطبقة السياسية الحالية في الحكم لا يمكننا النهوض حتى خلال 30 سنة.
ويوضح الحكيّم أن المليارات ال10 التي يحتاجها البلد هي لبدء مسيرة التعافي، ولا علاقة لها بموضوع إعادة الودائع للمودعين أو ردم الفجوة المالية في مصرف لبنان.