خاص المدى– جنان جوان أبي راشد
بعدما حضر أمس في السراي الحكومي موضوعُ المعالجات الطارئة للأجور في ظل تناقصِ القدرة الشرائية وتصاعدِ أزمة النقل مع ارتفاع أسعار المحروقات. فهل من زياداتٍ في القطاعَين العام والخاص؟
زيادةُ بدل النقل اليومي إلى 24 ألف ليرة لم تَعُد كافية بعد ارتفاع أسعار المحروقات، فالأجور والرواتب تتبخّر لزوم بدل النقل الذي يكبّد اللبناني أضعاف هذا المبلغ، أكان بتنقّله بسيارته الخاصة أو بسيارات الأجرة أو حتى بالحافلات أو تنقّل أبنائه بباصات المدارس.
رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر يشير في هذا الإطار الى أن اجتماع لجنة المؤشر للبحث في الزيادات على الأجور وبدلات النقل في القطاع الخاص، بانتظار دعوة وزير العمل مصطفى بيرم، وربما ستنعقد هذا الاسبوع، مؤكداً كذلك أن الحوار لتصحيح الاجور مع الهيئات الاقتصادية بدأ بالفعل، ويقول: في حين هناك جزءٌ من هذه الهيئات متجاوب، هناك جزءٌ آخر ما زال متريّثاً، لكنّ جزءاً منها يرفض هذه الزيادات كلياً.
ويعلن الأسمر في حديث ل”المدى” عن اجتماعاتٍ تنسيقية جديدة ستُعقد قريباً بين الاتحاد وميقاتي ووزير المال يوسف خليل لتحديد الزيادات في القطاع العام، إذ إن هناك تصوّراً حولها.
ويوضح أن في القطاع الخاص الذي يشمل 450 ألف عامل هناك العديد ممّن لا يزال يتقاضى أجره على أساس دولار 1500 ليرة لبنانية، ويشتري حاجياته على دولار 20 ألفاً، إذ إن التجار لا يرحمون عند احتساب أرباحهم، ويجب تصحيح هذا الظلم الفادح.
الزيادات للقطاع العام
في ما يتعلق بالزيادات لموظفي القطاع العام، لفت الأسمر الى مؤشراتِ تجاوبٍ مع بداية تطبيق ما اتُفق عليه في الاجتماعات السابقة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ويأتي في هذا الاطار اجتماع يوم أمس في السراي حول تأمين سير عمل الادارة، إلا أن الاسمر الذي عبّر عن استغرابه ازاء الحديث عن منح مالية موقّتة لموظفي القطاع العام، بعدما كان الحديثُ يتمحور حول تصحيحٍ للرواتب، دعا الى التريّث لمعرفة التفاصيل حولها.
وأكد ضرورة ان تشمل هذه الزياداتُ الاسلاك الامنية والعسكرية ليستمرّ هؤلاء في صمودهم، وهم الذين يقدّمون الكثير من التضحيات.
من أين التمويل وهل تتكرّر تجربةُ سلسلة الرتب والرواتب؟!
يجيب الأسمر مؤكداً أنه خلال الازمات الاقتصادية الكبرى يكون هناك عقد اجتماعي جديد قائم على الحوار والتضحيات من أجل إنصاف الطبقة العاملة من جهة، وعدم الإضرار بالاستقرار النقدي من ناحية أخرى، وذلك لانتاج حلّ ولو بالحدّ الأدنى لتسيير الأمور، لكنّ هذا الاستقرار النقدي غير موجود حالياً، يقول الأسمر، مشدداً في الوقت عينه على ضرورة البحث عن مصادر التمويل، ومؤكداً ضرورة تحقيق استقرار في سعر صرف الدولار الذي يمهّد لأي معالجات ستكون بالتأكيد منقوصة في حال استمرت هذه الحالة من عدم الاستقرار فيه.
ويوضح الأسمر أنه الى جانب أساس الأجر هناك ملحقات عدة، كبدلات السكن والنقل والمحروقات والدواء والاستشفاء، معرباً عن انفتاح الاتحاد إزاء أي حوار حول هذه المكوّنات بهدف تأمينها، وبالتالي يمكن عدم الأخذ بعين الاعتبار أساس الرواتب.
ولدى سؤال رئيس الاتحاد العمالي العام عن الملحق الذي تمّ إقرارُه في آب الماضي للقطاع العام، والقاضي بزيادة نصف راتب على مدى شهرين، والتي كان من المفترض صرفُها في الأسبوع الأول من أيلول، فأوضح أنها لم تُدفع بعد، عدا للعمال في عدد من المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والبلديات.
مسار ومصير الزيادات
إذا وفي المحصّلة، الأسبوع الأول من أيلول انقضى والمنح المالية للقطاع العام التي أُقرت لم تُصرف بعد من خزينة الدولة، والزياداتُ التي يتمحور البحث حولها حالياً ستكون مشابهة إذا تأمنت، وتتمثّل بزيادة اضافية لبدل النقل اليومي وتقديم منح مالية كمساعدة اجتماعية موقتة على غرار ما تمّ إقراره في آب الماضي بمرسوم، ولا شيء جديداً في ما يتعلق بأساس الرواتب على ما يبدو، في حين أن وزير المال يحتاج الى أيام عدة لإعداد الدراسات في ضوء الارقام.
أما في القطاع الخاص وفي انتظار اجتماع لجنة المؤشر، فكلّ صاحب عمل يغنّي على ليلاه.
ويبقى أن الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص في مهبّ ريح أوائل أيام شهر أيلول وأول نسمة من موسم المدارس وغلاء المحروقات وتيار المولّدات، فكيف اذا اشتدت الرياح مع بداية موسم الشتاء؟!
ومهما اشتدت وعصفت هذه الرياح مع رياح الدولار المتصاعدة، يبقى اللبناني يردّد متضرّعاً الى الله: “الله يستر من الأعظم، إذا كان هناك ثمة أعظم ممّا يجري”!