خاص – جنان جوان أبي راشد
هل سيدمّر كورونا الاقتصاد العالمي أو إنه سيغير من الانظمة الاقتصادية العالمية؟ هل ستتراجع العولمة بعد كورونا؟ وهل يمكن أن تُعيد كورونا دولاً كاملة عقوداً طويلة الى الوراء، وفي الوقت نفسه يمكن أن تستغلها دولٌ أخرى لتقود العالم في ما يُعرف باسم “سياسات الاستفادة من الكوارث”؟ ماذا عن الديون التي ارتفعت بشكل كبير لتصل إلى ذروتها التاريخية من ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد العالمي عشية الأزمة المالية عام 2008؟ ما هي الاوضاع المالية المتوقعة بعد كورونا في لبنان وعالميا؟ هل ستكون هناك مجاعة مثلا؟
عن هذه الاسئلة أجابنا الخبير المالي والاقتصادي جاسم عجاقة الذي أكد للمدى، أن وباء كورونا سيضرب الاقتصاد العالمي ضربة كبيرة وستكون الخسائر كبيرة جدا، الا انه لن يدمر الاقتصاد العالمي بل سيفرض مستقبلاً نوعًا من انواع اعادة التقويم لبعض التوجهات الاقتصادية، ومن المتوقع ان تصحح الأنظمة الاقتصادية بعد كورونا “نفسها بنفسها”، متحدثاً عما تبين من تأثير للصين على الكثير من الاقتصادات في العالم، وخصوصا في ما يتعلق بالخسائر في اسواق النفط.
ويرى عجاقة انه ستكون هناك عملية تصحيحية الزامية في ما يتعلق بالعولمة التي لن تتراجع كما يقول، بل ستكون هناك ضرورة للعمل من اجل الاكتفاء الذاتي في المجال الطبي والادوات الطبية للدول.
ويشير عجاقة الى هناك دولا ستعيدها كارثة كورونا “سنوات الى الوراء”، ومنها لبنان الذي سيتحمّل الكثير من الأضرار في حال استمر انتشار الوباء فيه، الا ان الخسائر ستكون متفاوتة بين الدول، فوضع بعض الدول يمكن أن يكون أفضل من دول اخرى، وبالامكان ايضا أن تستغلّ دولٌ دولاً أخرى لتقود العالم في ما يُعرف بـ “سياسات الاستفادة من الكوارث”.
ويؤكد ان الديون سترتفع عالميا لان هامش موازنات الدول “ضيّق” ولا يتعدى ال10%، وأي تخطٍ له سيؤدي الى عجز وبالتالي ستتفاقم الديون، لافتا الى ان كورونا ضرب اقتصادات كبيرة جداً وسيؤثر على حوالى 50% من بعض هذه الاقتصادات. ويتوقع عجاقة المزيد من ارتفاع الديون، وخصوصا ان هناك بعض الدول كفرنسا، تستخدم اعتمادات هائلة لخطة مواجهة كورونا من خارج الموازنة، متحدثا عن الكلفة الهائلة لمواجهة تداعيات الوباء في بعض الدول.
ويعرب عجاقة عن اعتقاده بأن الاوضاع المالية في كل الدول ستكون سلبية، الا ان هناك تفاوتاً في التأثير بين الدول، معتبرا ان الدول الغنية ستتأثر كما غيرها، ومنها الدول النفطية التي ستنال نصيبها مع انخفاض أسعار النفط عالميا.
ويستبعد عجاقة حصول مجاعة في العالم جراء كورونا، الا انه يحذّر على الصعيد اللبناني من تعرّض “مجموعات في مناطق معينة” الى نوع من “النقص الغذائي الحادّ إذا لم تكن هناك مساعدات حكومية من المواد الغذائية لها”.
وعن الخسائر عالميا ولبنانيا، يقول عجاقة ان الكلفة عالميا جراء انتشار كورونا تقاس وفقا للناتج المحلي العالمي، وقد وصلت الى ما بين 1 و1.5 % وهو رقم في تصاعد مستمر اذا استمر تفشي الوباء.
اما على صعيد لبنان، فمن المتوقع تسجيل خسارة بحدود 12 % من الناتج المحلي الاجمالي في نهاية العام الحالي،يقول عجاقة، “وهو ما يجب عدم الاستهانة به لأننا لا نستهلك خلال العزل في المنازل الا المواد الغذائية والاساسية”، منبها الى “ضرورة الالتزام بالحجر المنزلي للسيطرة على الوباء”، متوقعا أن “يتحسن الاقتصاد مجددا بعد القضاء عليه”.