خاص المدى – جنان جوان أبي راشد
اليوم العالمي للفقراء حلّ منذ أسبوع تقريباً، وبعد زيارته بيروت، أعلن مقرّر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الانسان أوليفييه دي شوتر أن لبنان هو من أكثر بلدان العالم التي فيها تفاوتٌ في الدخل إلى جانب جنوب أفريقيا والبرازيل، اذ يمتلك 10 بالمئة من سكانه الأكثر ثراء 70 بالمئة من الأصول.
وبحسب دراسات المنظمات الانسانية، كلما ازداد الأثرياء ثراء ازداد الفقراء فقراً، في حين هناك جدلٌ حول تحديد مَن هم الفقراء.
ولكن بالتأكيد لا يمكن تصنيفُ اللبنانيين الذين لا يتعدّى دخلُ الغالبية العظمى منهم الألف دولار سنوياً إلا بالفقراء في معظمهم، والنظام الضريبي في لبنان وعمره 50 عاماً غير العادل يساهم في رفع مستويات الفقر.
هذا النظام الضريبي بحسب الخبير المالي والاقتصادي الدكتور لويس حبيقة بحاجة الى عملية نفض أو أن يسقط بشكل جذري وخصوصاً بعد الازمة الاقتصادية الحادة، معتبراً أنه يجب في الوقت الراهن تصنيف من لديه مدخول أدنى من 5 ملايين ليرة بالفقير أو بغير الميسور، ويجب بالتالي اعفاء أجرِه من الضريبة بشكل كلّي، علماً أن هذا الرقم بحاجة الى نقاش.
من المفترض إعادة النظر بالضرائب برمّتها بعد اجراء دراسة دقيقة حول أحوال اللبنانيين لتحديد مَن هم الفقراء، كما يقول حبيقة لـ”المدى”، مشيراً الى أن المشكلة في لبنان هي في غياب احصاءات دقيقة.
ويرى حبيقة أن مقاربة تعديل النظام الضريبي في لبنان واسعة جداً، والجواب شائك وصعب، وخصوصاً لناحية تحديد ماهية الفقراء وغير الميسورين في لبنان بعد حدوث الازمة المالية والاقتصادية، فالغالبية من اللبنانيين باتت من غير الميسورين، كما أن تعريف الفقر عالمياً بات بدوره مسألة واسعة جداً.
ورفض حبيقة فرض الضرائب على أجور الفقراء أو على أرباح الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، في حين يجب أن تطال الضرائب الأغنياء وأصحاب الأرباح الضخمة، مستطرداً بالقول إن المشكلة راهناً هي في أن الشركات الكبرى والمصارف في لبنان تعاني بدورها من أوضاع غير سهلة.
وينتقد النظام الضريبي في لبنان الذي يعتمد على تخفيض الضرائب المباشرة، ورفع غير المباشرة منها، وخصوصاً مقارنة مع مداخيل اللبنانيين، كرفع الضريبة على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة.
ويضيف حبيقة: لا يمكننا القول إن النظام الضريبي كان سيئاً برمته وعلى مدى السنوات الماضية بأكملها، فقد استفاد منه لبنان في مراحل معيّنة باستقطابه رؤوس أموال عربية وأجنبية، ويتابع: أما بلدُنا حالياً فلم يَعُد كما كان سابقاً، بل نأسف لاتجاهه نحو الأسوأ، ومن الضروري الاتجاه نحو تخفيض الضرائب غير المباشرة التي تصيب الفقراء، وزيادة الضرائب المباشرة منها، ولكن باعتدال، لتفادي هروب أصحاب رؤوس الأموال الى البلدان المجاورة.
حبيقة الذي يتحدث عن سوء الوضع السياسي الحالي في البلاد وصعوبة تحقيق انجازات اقتصادية في ظل غياب جلسات مجلس الوزراء، يرى أنه على الرغم من ذلك علينا التفكير في المرحلة الحالية لاجتراح حلول مستقبلية ولعدم اضاعة المزيد من الوقت للانقاذ، وذلك بانتظار تغييرٍ ما في الانتخابات النيابية المقبلة.
اليوم العالمي للفقراء حلّ منذ حوالى اسبوع، والفقر في لبنان يزداد باضطراد، فهل مَن يعمل من أجل الحدّ من المآسي ومن أجل تحقيق بعض من العدالة الاجتماعية ويعيد الكرامة للفقراء وما أكثرُهم؟!