خاص المدى جنان جوان أبي راشد
الأزمات في لبنان تولّد الأزمات، فكلُّ يوم يستفيق اللبنانيون على أزمة متفرّعة من الإفلاس المالي والسياسي، وأشدُّها وقعاً الفوضى على الصعيد الصحي وخسارة أرواح بينهم أطفال.
الطفلة جوري السيّد توفيت منذ أيام بسبب ارتفاع في الحرارة بعدما عجز والدُها عن تأمين الدواء لها، والطفلةُ زهراء طليس توفيت السبت أيضاً بعدما لَدَغها عقربٌ من دون ايجاد الدواء اللازم، أما الطفلةُ ماريتا بولس فقد نجت بعد تعرّضها لعضة كلبٍ غير ملقّح ضد مرض الكلب، في رأسها وبطنها، إذ تم استقدامُ اللقاح اللازم بسرعة من سوريا.
لكن هل صحيح أن لا دواء ضدّ لدغات العقارب في لبنان؟ وهل صحيح أن لا لقاح ضد داء الكلب (السُعار) والكزاز؟
ماذا يقول نقيب اصحاب المستشفيات الدكتور سليمان هارون عن الادوية لمعالجة المصابين بلدغات الزواحف أو العقارب؟
المشكلة ليست جديدة ونواجهُها كلّ صيف يؤكد هارون في حديث ل “المدى”، معلناً أن النقابة كانت قد وجّهت كتاباً الى وزارة الصحة في هذا الصدد منذ سنوات عديدة، معتبراً أنه كان يجب تأمينها للمستشفيات، أو على أقل تقدير وضع وزارة الصحة آلية لتوجيه المستشفيات الخاصة الى أماكن وجودها في أي من المستشفيات الحكومية، مجدِّداً نداءه الى الوزارة لحلّ هذه المشكلة.
هناك أيضاً نقصٌ حادّ في اللقاح ضدّ داء الكلب (Rabies vaccine) في لبنان والذي يُستخدم بعد التعرّض للفيروس جراء عضة كلب أو عضة الخفافيش، كما أن هناك نقصاً في حُقن ال tetanus ضد ما يعرف بال”كزاز”، كما يقول نقيب أصحاب المستشفيات، مشدداً على أن هناك صعوبة كبيرة في إيجاد اللقاح ضدّ داء الكلب في المستشفيات اللبنانية، وكذلك عند طلب اي من المستشفيات 100 جرعة ضد ما يعرف بال”كزاز” لا تحصل إلا على حوالى 15 أو 20 جرعة، في حين أن هذه الجرعات تستعمل بشكل كثيف عندما يتعرّض الاشخاص الى جروح بأدوات فيها صدأ.
ويوضح هارون أنه يمكن معالجة الحالات الصحية الثلاث بسهولة عادة (اللدغات والكلَب والكزاز)، إلا أنه في غياب هذه اللقاحات أو الادوية يمكن أن يخسر كثيرون حياتهم لأسباب تافهة وعلاجاتها متوفرة في العادة.
وفي حين أعلن ان هذه الادوية واللقاحات غير متوفرة عند المستوردين، رأى أن من واجب وزارة الصحة تأمينها وتوزيعها على المستشفيات التي تَعتبر أنها يجب أن تمتلكها، أكانت حكومية أو خاصة.
مستشار وزير الصحة لشؤون الدواء: لا دواء للّدغات
وفي حين يوضح هارون أن كلفة الأدوية ضد لدغات العقارب والافاعي واللقاحات ضد داء الكلب والكزاز غير مكلفة مادياً، ينفي مستشارُ وزير الصحة لشؤون الدواء الدكتور رياض فضل الله ذلك، وخصوصاً بعد تخفيض مصرف لبنان موازنة استيراد الادوية، فاللقاح ضد لدغات الأفاعي (مضادّ السمّ) المتوفر حالياً كلفتُه 60 دولاراً كما يقول، ويضيف: إلا أن الوزارة عملت للحصول عليه بكلفة أقلّ.
ويوضح فضل الله في اتصال مع “المدى” أن العقارب في لبنان بحسب علمِه مصنّفة بغير المميتة، إلا أن بعضَ الاشخاص يمكن أن يصابَ بصدمةِ حساسية في حال تعرّضه لها، ولا أدوية تستورد لعلاجِها في البلد على حدّ علمه كما يقول، في حين أن هناك نقصاً في اللقاحات ضدّ داء الكلب (Rabies vaccine) مع حلول نهاية شهر تموز، والتي تؤمنها عادة المستشفياتُ الحكومية، وستصل الى لبنان خلال ساعات دفعةٌ من خمسة الاف جرعة منها وتكفي لمدة شهر واحد.
أما عن الحُقن ضد ما يُعرف بالكزاز، فيلفت فضل الله الى أن هناك وكيلَين يستوردانه في العادة، وقد توقفا عن ذلك، الا أنه متوفّر في المستشفيات الحكومية.
هارون يستغرب
أما هارون الذي رفض الردّ على فضل الله، مستغرباً كلامَه حول عدم وجود أدوية في لبنان ضدّ لدغات العقارب، اكتفى بالقول إنه إذا كان عددُ الاشخاص الذين يصابون بحساسية مفرطة جراء لدغات العقارب محدوداً، فذلك لا يعني أبداً أن لا ضرورة لاستيراد الأدوية اللازمة لانقاذ حياتهم!