خاص المدى – جنان جوان أبي راشد
مع انطلاق عمل الحكومة الجديدة، ما هي سيناريوهات التفاوض مع صندوق النقد لوقف التدهور واستعادة تدفقات رؤوس الاموال بالعملات الاجنبية بهدف سلوك طريق التعافي؟
للمفاوضات مع صندوق النقد أصولٌ ومراحل، ويجب أن تكون مسبوقة بخطوات على الصعيد اللبناني الداخلي، من تحضيرٍ لخطة حكوميّة للتعافي الى توحيد سعر صرف الدولار.
ما هو المسار الصحيح نحو اتفاق مع الصندوق؟
عن هذا السؤال يجيب كبير الاقتصاديين في مجموعة “بنك بيبلوس” الخبير الاقتصادي الدكتور نسيب غبريل في حديث ل “المدى”، موضحاً أن البداية تكون بإنجاز الحكومة خطة تعافٍ تتوجه بها الى محادثات ثم مفاوضات مع صندوق النقد، وعندما يُعقد اتفاقٌ تمويلي اصلاحي مع الصندوق، يتّجه لبنان فوراً نحو تطبيق الاصلاحات المتفق عليها بين الطرفين، ووفق جدول زمني محدّد وأهداف رقمية محدّدة وأولويات واضحة. ويضيف: بعد ذلك ب3 أشهر يبدأ الصندوق بتحرير المبالغ المتفق عليها ويبدأ مصرف لبنان بدوره بإعادة تكوين احتياطاته بالعملات الاجنبية.
ويلفت غبريل ألى أنه بالتزامن مع وضع الحكومة خطة انقاذية، يتوقع صندوق النقد من السلطات اللبنانية 4 أو 5 إجراءات، وأبرزها: اقرار قانون ال”كابيتال كونترول”، وضع خطة متوسطة الأمد لتصحيح الاختلالات في المالية العامة، بدء التدقيق المالي بحسابات المصرف المركزي ومؤسسة كهرباء لبنان، وضع إطار لمعالجة الوضع المصرفي، وضع آلية لتوحيد أسعار صرف الدولار في السوق اللبناني وتحديد مبلغ المتأخرات على الدولة اللبنانية لعدد من المؤسسات على غرار الصندوق الضمان الاجتماعي والمستشفيات والمقاولين…
تحرير سعر صرف الليرة
أما لناحية تحرير سعر صرف الليرة، فيشير غبريل الى أنه سيكون هناك اتفاقٌ مع الصندوق على موعد محدّد لتطبيق آلية توحيد أسعار الصرف المتعدّدة، وهذه الآلية يجري بموجبها عملياً تحرير سعر الصرف، فيتمّ إلغاء تثبيت سعر الليرة ليخضعَ للعرضِ والطلب في الاسواق، وبشكل تلقائي يتمّ عندئذ إلغاءُ السوق الموازي، أما مصرف لبنان فيتدخّل شارياً أو بائعاً الدولار فقط بشكل انتقائي وعند الحاجة، لتجنيب السوق أي تقلّبات حادّة في سعر الدولار، مستبعداً تراجعاً حاداً في سعر العملة الوطنية بعد تحرير سعرها في حال توفَّرَ مناخٌ اصلاحي.
لا يمكن توقُّع أي سعر محدّد للدولار في الفترة التي تلي أيَّ اتفاقٍ محتمل مع صندوق النقد، وذلك بالمقارنة مع المبالغ التي ستُرصد للبنان والتي قد تصل الى 4 مليارات دولار، يقول غبريل، معتبراً أن سعرَ الليرة في الاسواق الحرّة ستُحدِّدُه عوامل عديدة وأبرزها: المناخ الاصلاحي والثقة وتدفّق رؤوس الاموال بالعملات الاجنبية واعادة تحريك العجلة الاقتصادية.
وشدد غبريل على أنه يمكن استعادة الثقة بالليرة في حال عُقد اتفاقٌ اصلاحي تمويلي مع الصندوق والانضباط في تطبيقه ووفق مهل زمنية محددة، موضحاً أن هذا الاتفاق من شأنه أن يفتح الباب أمام مصادر تمويل أخرى، على غرار قروض من: البنك الأوروبي للتنمية وإعادة الإعمار، المصرف الأوروبي الاستثماري، مؤسسة التمويل الدولية، صناديق تنمية واستثمار ومؤسسات أخرى متعددة الاطراف، ومتوقعاً أن تتبدّل النظرة المستقبلية الى الوضعين المالي والاقتصادي في لبنان بعد الاتفاق مع الصندوق.
نهج عملِ الصندوق تبدّل منذ 10 سنوات
الحكومة اللبنانية باستطاعتها تحديد أولويات البرنامج مع صندوق النقد بحسب غبريل، إذ إنّ “منهجيةَ” عملِ هذا الصندوق تغيّرت منذ حوالى عقد من الزمن تقريباً، فهو لم يَعد يفرِضُ الوصفة عينها على كلّ الدول، بل اصبح يتوقّع من الحكومات أن تضع بنفسها البرامج والأولويات، وعلى الحكومة اللبنانية تحضير خطتِها بهدف إعادة النمو والقدرة الشرائية للّبنانيين، واعادة دور القطاع الخاص كعمود فقري للاقتصاد، اضافة الى توسيع حجم الاقتصاد وخلق مناخ استثماري مؤاتٍ وتخفيض الدين وعجز الموازنة وغيرها من الخطوات.